الأربعاء، ديسمبر ٢٠، ٢٠٠٦

المخلّفون


عثرت أمس على مقالة في الجريدة المحلية واصفةً لعبة فيديوية جديدة تصبح موجودة هذا عيد الميلاد. وفي هذه اللعبة اسمها "المخلّفون" اللاعبون يحاولون أن يحوّلوا غير مسيحيين إلى الدين المسيحي. وإذا فشل اللاعب في تحويلهم فيقتلهم. فقد غضبت بعض المجموعات المسيحية من هذه اللعبة وهي تقول إنها لا تمثل هدية مناسبة هذا الفصل العيدي بسبب طبيعتها العنيفة وتطالب بإزالة اللعبة من كل الدكاكين. وتقوم اللعبة على كتاب من الكتب في الانجيل فيه قد ذهب المسيح بشعبه إلى السماء مخلّفا وراءه الكافريين ليتوجّهوا إلى الانتيكريست. ففي اللعبة تختار اللاعب أن تلتحق بفريق المسيح لتحويل أو قتل الكافريين من جهة أو تستطيع ان تلتحق بفريق الانتيكريست من جهة أخرى حيث طبعا لا بدّ أنها ترسب. ويقول نقاد بإن اللعبة تشجع على العنف والتعصب ولكن رئيس الشركة التي يخرج اللعبة هو يختلف على هذا النقد ويدّعي أنّ في الحقيقة اللعبة تشجع على السلام لأن اللاعبين يفقدون ((نقاطا روحيةً)) إذا اختاروا قتل الكافريين على تحويلهم.
وعلى الرغم من هذا فتصرّ بعض المجموعات المسيحية أن اللعبة تنتشر رسالة التعصب الديني وفوق هذا كله تعارض النفوذ السياسي المتزيد والنفاق من اليمين الديني في أمريكا.
وفي اللعبة يمثّل الانتيكريست بالأمين العام من الأمم المتحدة وفريق العدو يشمل نجوم الغناء ونجوم السينما وأيضا أشخاص لهم أسماء عربية بينما الفريق المستقيم يتكون من مبشرين وأطباء...إلخ. وعندما طُلب مبتكر اللعبة عن الأسماء العربية فأجاب: "المسلمون لا يؤمنون بالمسيح ومن ثم لا يمكن ان يشتركوا في الجانب المستقيم." وأضاف: "إنه واضح."
واليوم أكثر من عشرة آلاف دكان يحمل اللعبة المسيحية ويبدو أنّ بيوعها سريعة. ويقول مؤيد: "هو نوع اللعبة التي يلعب والد ووالدة مع ابنهما--- ويستخدمانها لفتح الأسئلة المهمة عن الطريق." وبالنسبة لرئيس الشركة هذا هو الهدف الحقيقي للعبة: اجتماع الوالدان والأطفال لتحدّث عن الانجيل جميعا.

وأحاول أن أتصور مناقشتهم...

كيف نقول....



مع أنّني قد رأيت عديدا من الصور تمثّل الحرب في العراق فإنّ هذه الصورة تبقى في ذاكرتي. وفيها بحار أمريكي يحاول أن يجد كلمة "زوج" في قاموسه العربي الصغير بينما يقف زميله - جندي عراقي- بجانبه مشاهدا. وأُخذت هذه الصورة منذ حوالي سنة ولكننا نستطيع أن نجد نفس الوضع اليوم فما زالت القوات الأمريكية تجاهد أن تخرج جنودا يتكلمون العربية بقدر الفصاحة. اما هذا البحار الأمريكي فهو لا يهتم بفصاحة لأنه لا يريد سوى وجود كلمة واحدة فقط. وأتساءل ماذا يحدث بعد أن يكتشف الكلمة؟ بداية المناقشة الطويلة والعميقة عن تفاصيل اشتراك زوجها في التمرد؟ وفضلا لاحظ كل الملابس والمهمات الخاصة ألتي يلبسها. لعله يعرف مئة منهج لقتل العدو ولكن ليس له القدرات للتعرف على عراقي كصديق.

في حين المهمة الأولى للبحرية الأمريكية ليست التواصل مع المحليين فيبدو معقولا أننا نتوقع هذا التصرف من الذين في وزارة الخارجية الامريكية. وفي مدينة بغداد اليوم سفارة أمريكية جديدة ضخمة وفيها ألف موظف. وبالنسبة للتقرير الصارد من المجموعة الدراسية العراقية، من الألف مسؤول ستة يتكلمون العربية بفصاحة. بالرغم من السنوات الطويلة ألتي مضت منذ ١١\٩ أو عاصفة الصحراء فإنّ القدرة اللغوية لم تزداد. إنّ من الصعب تصوّر سفارة في العاصمة الأمريكية فيها ألف مسؤول لا يستطيعون أن يفهموا الإنجليزية.

وذكر لي صديقي أنّ أثناء الستينات في أمريكا وسط الضجة والصراع قرّر الرئيس كينيدي أن تقوم البلاد بإرسال رجل إلى القمر. ففي أقل من عشر سنوات نجح الأمريكيون في تصميم وبناء وإرسال المركبة الفضائية التي رحلت إلى ومن القمر. "لماذا..."، سألني صديقي، "لماذا لا نستطيع ان نعلّم العربية لمجموعة صغيرة من السفراء الأمريكيين في نفس عدد السنوات؟" وما لم نبدأ في تحليل المشكلة بطريق مختلف فإنّ من اللازم أن نعطي قواميس إلى الجنود والسفراء كلهم.